كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} فقال: أما الحسن فقال: بئس ما أخذ القوم لأنفسهم لم يرزقوا من كتاب الله إلا التكذيب، قال: وذكر لنا أن الناس أمحلوا على عهد نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا يا نبي الله: لو استسقيت لنا؟ فقال: عسى قوم إن سقوا أن يقولوا سقينا بنوء كذا وكذا، فاستسقى نبي الله، فمطروا، فقال رجل: إنه قد كان بقي من الأنواء كذا وكذا، فأنزل الله: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال: قولهم: في الأنواء مطرنا بنوء كذا وكذا، فيقول: قولوا: هو من عند الله تعالى وهو رزقه.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال: الاستسقاء بالأنواء.
وأخرج عبد بن حميد عن عوف عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال: تجعلون حظكم منه أنكم تكذبون، قال عوف رضي الله عنه: وبلغني أن مشركي العرب كانوا إذا مطروا في الجاهلية قالوا مطرنا بنوء كذا وكذا.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والدارمي والنسائي وأبو يعلى وابن حبان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو أمسك الله المطر عن الناس ثم أرسله لأصبحت طائفة كافرين، قالوا: هذا بنوء الذبح يعني الدبران».
وأخرج مالك وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن زيد بن خالد الجهني قال: «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح زمن الحديبية في أثر سماء، فلما أقبل علينا فقال: ألم تسمعوا ما قال ربكم في هذه الآية: ما أنعمت على عبادي نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين. فأما من آمن بي وحمدني على سقياي فذلك الذي آمن بي، وكفر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك الذي آمن بالكوكب وكفر بي».
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يومًا لأصحابه: «هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إنه يقول: إن الذين يقولون نسقى بنجم كذا وكذا فقد كفر بالله وآمن بذلك النجم، والذين يقولون سقانا الله فقد آمن بالله وكفر بذلك النجم».
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن محيريز أن سليمان بن عبد الملك دعاه فقال: لو تعلمت علم النجوم فازددت إلى علمك، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث: حيف الأئمة وتكذيب بالقدر وإيمان بالنجوم».
وأخرج عبد بن حميد عن رجاء بن حيوة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مما أخاف على أمتي التصديق بالنجوم والتكذيب بالقدر وظلم الأئمة».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن جابر السوائي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أخاف على أمتي ثلاثًا استسقاء بالأنواء وحيف السلطان وتكذيبًا بالقدر».
وأخرج أحمد عن معاوية الليثي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون الناس مجدبين، فينزل الله عليهم رزقًا من رزقه فيصبحون مشركين، قيل له: كيف ذاك يا رسول الله؟ قال: يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا».
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله ليصبح القوم بالنعمة أو يمسيهم بها فيصبح بها قوم كافرين يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وتجعلون شكركم} يقول: على ما أنزلت عليكم من الغيث والرحمة، يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، وكان ذلك منهم كفرًا بما أنعم الله عليهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما مطر قوم إلا أصبح بعضهم كافرًا يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما {وتجعلون شكركم أنكم تكذبون}.
وأخرج ابن جرير عن عطاء الخراساني رضي الله عنه في قوله: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال: كان ناس يمطرون فيقولون مطرنا بنوء كذا وكذا.
قوله تعالى: {فلولا إذا بلغت الحلقوم} الآيات.
أخرج ابن ماجة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى تنقطع معرفة العبد من الناس قال: إذا عاين».
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: احضروا موتاكم وذكروهم فإنهم يرون ما لا ترون.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأبو بكر المروزي في كتاب الجنائز عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: احضروا موتاكم ولقنوهم لا إله إلا الله فإنهم يرون ويقال لهم.
وأخرج سعيد بن منصور والمروزي عن عمر رضي الله عنه قال: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، واعقلوا ما تسمعون من المطيعين منكم، فإنه يجلي لهم أمور صادقة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وأبو يعلى من طريق أبي يزيد الرقاشي عن تميم الداري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله لملك الموت: انطلق إلى وليي فائتني به فإني قد جربته بالسراء والضراء فوجدته حيث أحب، فائتني به لأريحه من هموم الدنيا وغمومها. فينطلق إليه ملك الموت ومعه خمسمائة من الملائكة معهم أكفان وحنوط من حنوط الجنة ومعهم ضبائر الريحان، أصل الريحانة واحد وفي رأسها عشرون لونًا، لكل لون منها ريح سوى ريح صاحبه، ومعهم الحرير الأبيض فيه المسك الأذفر، فيجلس ملك الموت عند رأسه، وتحتوشه الملائكة ويضع كل ملك منهم يده على عضو من أعضائه، ويبسط ذلك الحرير الأبيض والمسك الأذفر تحت ذقنه، ويفتح له باب إلى الجنة، فإن نفسه لتعلل عنده ذلك بطرف الجنة مرة بأزواجها ومرة بكسوتها ومرة بثمارها، كما يعلل الصبيّ أهله إذا بكى، وإن أزواجه ليبتهشن عند ذلك ابتهاشًا، وتنزو الروح نزوًا، ويقول ملك الموت: أخرجي أيتها الروح الطيبة إلى سدر مخضود وطلح ممدود وماء مسكوب، وملك الموت أشد تلطفًا به من الوالدة بولدها، يعرف أن ذلك الروح حبيب إلى ربه، كريم على الله فهو يلتمس بلطفه تلك الروح رضا الله عنه، فسلّ روحه كما تسل الشعرة من العجين، وإن روحه لتخرج والملائكة حوله يقولون: {سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} [النحل: 32] وذلك قوله: {الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم} [النحل: 32] قال: فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم، قال: روح من جهد الموت وروح يؤتى به عند خروج نفسه وجنة نعيم أمامه. فإذا قبض ملك الموت روحه يقول الروح للجسد: لقد كنت بي سريعًا إلى طاعة الله بطيئًا عن معصيته، فهنيئًا لك اليوم فقد نجوت وأنجيت، ويقول الجسد للروح: مثل ذلك، وتبكي عليه بقاع الأرض التي كان يطيع الله عليها، كل باب من السماء كان يصعد منه عمله وينزل منه رزقه أربعين ليلة، فإذا اقبضت الملائكة روحه أقامت الخمسمائة ملك عند جسده لا يقلبه بنو آدم لشق إلا قلبته الملائكة عليهم السلام قبلهم، وعلته بأكفان قبل أكفانهم وحنوط قبل حنوطهم، ويقوم من باب بيته إلى باب قبره صفان من الملائكة يستقبلونه بالاستغفار، ويصيح إبليس عند ذلك صيحة يتصرع منها بعض أعظام جسده، ويقول لجنوده: الوليل لكم كيف خلص هذا العبد منكم؟ فيقولون: إن هذا كان معصومًا. فإذا صعد ملك الموت بروحه إلى السماء يستقبله جبريل في سبعين ألفًا من الملائكة كلهم يأتيه من ربه، فإذا انتهى ملك الموت إلى العرش خرت الورح ساجدة لربها، فيقول الله لملك الموت: انطلق بروح عبدي فضعه {في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب} [الواقعة: 28] فإذا وضع في قبره جاءت الصلاة فكانت عن يمينه، وجاء الصيام فكان عن يساره، وجاء القرآن والذكر فكانا عند رأسه، وجاء مشيه إلى الصلاة فكان عند رجليه، وجاء الصبر فكان ناحية القبر، ويبعث الله عتقًا من العذاب فيأتيه عن يمينه، فتقول الصلاة: وراءك والله ما زال دائبًا عمره كله وإنما استراح الآن حين وضع في قبره، فيأتيه عن يساره فيقول الصيام مثل ذلك.، فيأتيه من قبل رأسه فيقول له مثل ذلك، فلا يأتيه العذاب من ناحية فيلتمس هل يجد لها مساغًا إلا وجد ولي الله قد أحرزته الطاعة، فيخرج عنه العذاب عندما يرى، ويقول الصبر لسائر الأعمال: أما إنه لم يمنعني أن أباشره بنفسي إلا أني نظرت ما عندكم، فلو عجزتم كنت أنا صاحبه، فأما إذا أجزأتم عنه فأنا ذخر له عند الصراط وذخر له عند الميزان، ويبعث الله ملكين أبصارهما كالبرق الخاطف وأصواتهما كالرعد القاصف وأنيابهما كالصياصي وأنفاسهما كاللهب يطآن في أشعارهما بين منكبي كل واحد منهما مسيرة كذا وكذا، قد نزعت منهما الرأفة والرحمة إلا بالمؤمنين، يقال لهما: منكر ونكير، وفي يد كل واحد منهما مطرقة لو اجتمع عليها الثقلان لم يقلوها. فيقولان له: اجلس فيستوي جالسًا في قبره فتسقط أكفانه في حقويه. فيقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: ربي الله وحده لا شريك له، والإِسلام ديني، ومحمد نبي، وهو خاتم النبيين. فيقولان له: صدقت، فيدفعان القبر فيوسعانه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن يساره ومن قبل رأسه ومن قبل رجليه، ثم يقولان له: أنظر فوقك، فينظر، فإذا هو مفتوح إلى الجنة، فيقولان له: هذا منزلك يا وليّ الله، لم أطعت الله فوالذي نفس محمد بيده إنه لتصل إلى قلبه فرحة لا ترتد أبدًا، فيقال له: أنظر تحتك فينظر تحته فإذا هو مفتوح إلى النار، فيقولان: يا ولي الله نجوت من هذا فوالذي نفسي بيده إنه لتصل إلى قلبه عند ذلك فرحة لا ترتد أبدًا، ويفتح له سبعة وسبعون بابًا إلى الجنة يأتيه ريحها وبردها حتى يبعثه الله تعالى من قبره إلى الجنة وأما الكافر فيقول الله لملك الموت: ويفتح الله لملك الموت انطلق إلى عبدي فائتني به فإني قد بسطت له رزقي وسربلته نعمتي فأبى إلا معصيتي فأئتني به لأنتقم منه اليوم، فينطلق إليه ملك الموت في أكره صورة رآها أحد من الناس قط، له اثنتا عشرة عينًا ومعه سفود من النار كثير الشوك، ومعه خمسمائة من الملائكة معهم نحاس وجمر من جمر جهنم، ومعهم سياط من النار تأجج فيضربه ملك الموت بذلك السفود ضربة يغيب أصل كل شوكة من ذلك السفود في أصل كل شعرة وعرق من عروقه، ثم يلويه ليًّا شديدًا، فينزع روحه من أظفار قدميه، فيلقيها في عقبيه، فيسكر عدوّ الله عند ذلك سكرة وتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط، ثم كذلك إلى حقويه، ثم كذلك إلى صدره، ثم كذلك إلى حلقه، ثم تبسط الملائكة ذلك النحاس وجمر جهنم تحت ذقنه، ثم يقول ملك الموت: أخرجي أيتها النفس اللعينة الملعونة إلى {سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم} [الواقعة: 43] فإذا قبض ملك الموت روحه قالت الروح للجسد: جزاك الله عني شرًّا فقد كنت بي سريعًا إلى معصية الله بطيئًا بي عن طاعة الله، فقد هلكت وأهلكت، ويقول الجسد للروح مثل ذلك، وتلعنه بقاع الأرض التي كان يعصي الله تعالى عليها، وتنطلق جنود إبليس إليه يبشرونه بأنهم قد أوردوا عبدًا من بني آدم النار، فإذا وضع في قبره ضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه فتدخل اليمنى في اليسرى واليسرى في اليمنى ويبعث الله إليه حيات دهماء تأخذ بأرنبته وإبهام قدميه، فتغوصه حتى تلتقي في وسطه، ويبعث الله إليه الملكين فيقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ فيقول: لا أدري فيقال له: لا دريت ولا تليت، فيضربانه ضربة يتطاير الشرار في قبره، ثم يعود، فيقولان له: انظر فوقك، فينظر، فإذا باب مفتوح إلى الجنة فيقولان له عدو الله لو كنت أطعت الله تعالى، هذا منزلك فوالذي نفسي بيده إنه ليصل إلى قلبه حسرة لا ترتد أبدًا، ويفتح له باب إلى النار، فيقال: عدوّ الله هذا منزلك لما عصيت الله، ويفتح له سبعة وسبعون بابًا إلى النار يأتيه حرها وسمومها حتى يبعثه من قبره يوم القيامة إلى النار».
فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86).
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {غير مدينين} قال: غير محاسبين.